شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
shape
خطبة الجمعة بعنوان ذكر الله
10072 مشاهدة print word pdf
line-top
فضل الذكر

وهكذا أمر تعالى بذكره؛ أمر العباد أن يذكروه كثيرا، فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وذكر الله: كل شيء يذكر به من الأقوال والأعمال؛ فذكره بالتهليل والتكبير والتعظيم والتحميد والاستغفار، وذكره بذكر أسمائه وصفاته؛ فله سبحانه الأسماء الحسنى والصفات العلا، وذكره بذكر أفعاله؛ بتذكر خلقه لنا، وخلقه للمخلوقات، وذكره بذكر آلائه؛ بذكر نعمه: فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فذكر نعمه من ذكره؛ حيث إن العبد إذا ذكر نعم الله عليه أحدث له ذلك اعترافا بفضله، وإقرارا بعطائه سبحانه؛ فيكون بذلك من الذاكرين، ولقد ورد الأجر والثواب في جزيل ثواب الله للذاكرين؛ ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم؛ فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ذكر الله .
هكذا أخبر بأن ذكر الله تعالى خير من هذه الأعمال، وأنه يرفع ربنا به العبد درجات؛ وما ذاك إلا أن ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل بين الفارين. ذكر الله تعالى يذكر العبد عظمة ربه، فإذا ذكره وذكر عظمته أحدث خوفا، وأحدث رجاء، وأحدث محبة، وأحدث توكلا، وأحدث له عبادات متنوعة لا تحصل للغافلين؛ ولذلك نهى الله تعالى عن الغفلة عن ذكره؛ فقال الله تعالى: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ نسوا عظمة الله، ونسوا آلاءه ونعمه، ونسوا فضائله، ونسوا عقابه ونسوا ثوابه، ونسوا أمره ونهيه، ونسوا شريعته؛ فأنساهم مصالح أنفسهم؛ المصالح الحقيقية التي هي تعود عليهم في الدنيا وفي الآخرة نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ وهكذا أمر الله تعالى بذكره خفية وسرا في قول الله تعالى: وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ .
فهذا دليل -عباد الله- على أننا مأمورون بالإكثار من ذكر الله، وأنا نُهينا عن الغفلة. الغفلة عن ذكر الله تقسي القلوب، الغفلة عن ذكر الله تَرِينُ عليها، الغفلة عن ذكر الله بها تكثر بها الذنوب، الغفلة عن ذكر الله بها تكثر وتظهر الغيوب؛ فاجتهد يا عبد الله في أن تكون من الذاكرين الله. الله تعالى يقول: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ورتب أيضا على ذكره أن يذكر من ذكره، وأن يثيب من شكره؛ فقال تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ وقال في الحديث القدسي: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ؛ يعني: الملائكة إذا ذكرت الله تعالى في ملأ فخشعوا لذكر الله، وخضعوا؛ ذكركم الله بين الملأ الأعلى؛ أي بين الملائكة، فيكثرون لك من الدعاء والاستغفار.
وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن لله ملائكة سياحين، فإذا وجدوا الذين يذكرون الله تنادوا؛ هلموا إلى حاجتكم؛ فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء، يجلسون مع الذاكرين؛ فلذلك تكون مجالس الذكر مجالس الملائكة.
ولا شك -عباد الله- أن قسوة القلوب بسبب الغفلة عن الله تعالى؛ فالمجالس عمرت بالقيل والقال؛ قل أن يذكر فيها ربنا سبحانه باسم من أسمائه أو صفة من صفاته، أو تذكر نعمة من نعمه التي أسداها على العباد، وكذلك أيضا بقية الأماكن؛ حتى المساجد التي هي أماكن العبادات؛ يكثر الذين يخوضون فيها، يتكلمون بما لا يعنيهم وما ليس بطاعة، فإذا عمرت المساجد بالطاعة، وعمرت المجالس بذكر الله وشكره فإن ربنا سبحانه يُسدي علينا نعمه، ويجزل علينا فضله، ويعطينا ما سألناه، ويسبغ علينا سوابغ فضله، كما أخبر بذلك.

line-bottom